الخميس، أغسطس 18، 2011

أسباب الجنسية المثلية




1 ) النظام الأسري الذي يولد فيه الطفل 


نقصد بالنظام الأسري منظومة القيم الإنسانية وأنماط العلاقات والتفاعل الإنساني في الأسرة. من الممكن أن يحتوي النظام الأسري على التالي
  •  مفهوم الأسرة عن الرجل والمرأة (الذكورة والأنوثة) والعلاقة بينهما
  •   تركيبة السلطة في هذه الأسرة.  ربما يكون النظام الأسري المتوارث جيلاً بعد جيل تقوم فيه المرأة بدور القيادة ودور الذكر فيه هامشي أو سلبي
  •  مفهوم الأسرة عن الجنس والعلاقة الجنسية بين الوالدين. ربما العلاقة الجنسية ضعيفة أو منعدمة 
  •  رغبة الأم / الأب في جنس الطفل (الأم التي كانت تتمنى فتاة والأب الذي كان يتمنى صبياً)

  •  كيف تتعامل هذه الأسرة مع المشاعر، هل تسمح بالتعبير عنها أم تكبتها؟ كبت المشاعر يساعد على تحويل طاقة المشاعر إلى طاقة جنسية. 
  •  طبيعة العلاقات. هل هناك تمايز حقيقي بين الشخصيات وحدود محترمة للشخصيات؟ أم أنا الطفل/ المراهق لا يجد لنفسه شخصية منفردة محترمة في هذا البيت. 
  •  كيفية التواصل. هل مبهم وغامض، مما يزيد التوتر؟ هل من جانب واحد في صورة أوامر ونواهي؟ أما تواصل من طرفين، يسمح للجميع بالتعبير عن أنفسهم؟ 
  •  كيفية التعامل مع الواقع. هل الأسرة تواجه الواقع حتى وإن كان فيه مرض أو خسارة، أم تميل للإنكار والخرافات الأسرية؟ 
  •  طريقة التفكير هل تميل للخوف أو الشك أو لوم النفس والاكتئاب، أم طريقة تفكير موضوعية تساعد الإنسان أن يكون واقعياً ومسترخياً؟ 

يقول العالم النفسي الألماني Bert Hellinger  المتخصص في مجال أنظمة الأسرFamily Systems أننا نرث مشاعر متراكمة من أفراد الأسرة، الذين نعرفهم أو من الأجيال السابقة التي لا نعرفها. على سبيل المثال يمكن أن يكون هناك رفض شديد  في الأسرة. الأب ربما كان مرفوضاً من أبويه مثلاً. مشاعر الرفض الموجودة في الأسرة تجعل الطفل مستعداً أكثر من غيره لاستقبال الرفض من أبويه. وهذا الرفض، كما سنرى لاحقاً، محوري جداً في نمو الميول الجنسية المثلية

2 ) الشخصية  
يتميز الطفل المعرض لنمو الميول الجنسية المثلية بالحساسية الشديدة، كما يتميز بالطاعة الشديدة وعدم القدرة على التمرد أو حتى التعبير عن الحقوق وتأكيدها. هذا بالطبع ليس معناه أن كل الأطفال الحسّاسين سوف تنمو عندهم ميول مثلية، ولكن هذا العامل يتفاعل مع عامل آخر وهو النظام الأسري والإساءات التي قد تكون موجودة فيه كما سوف نشرح. إذا كانت الأسرة بها إساءات فالطفل الحسّاس سوف يكون أول من يتأثر بها. الطفل الحسّاس يحتاج إلى مزيد من التلامس والحب والطمأنة والحماية، إذا لم يُسدّد هذا الاحتياج كما ينبغي، فسوف تتكون صورة ذاتية سلبية لدى الطفل وهذا يشجع أكثر فأكثر انفصاله عن نفسه وعن الأخرين. 

3 ) الجرح من الوالد من نفس الجنس  
الجرح الأساسي من الوالد من نفس الجنس هو جرح الرفض وعدم الاتصال الذي بالتالي يمنع الطفل/ الطفلة من التوحد به/بها. و بالتالي لا يتم تطور الهوية الجنسية الذكرية للولد والأنثوية للبنت. هذا يحدث في سن مبكرة جداً وهي من سنة ونصف إلى ثلاث سنوات (من المهم هنا أيضاً الإشارة إلى أن 90% من المخ يتكون بنهاية السنة الثالثة من العمر!) الأب الذي يساعد على تكوين الشخصية الذكرية لدى الولد هو الأب القوي الشخصية والحنون في نفس الوقت. لذلك إذا كان هذا الولد بعيد أو ضعيف من ناحية، أو قاسي ومسيء من ناحية أخرى، يحدث هذا  الجرح. ولحدوث هذا  الجرح من الوالد من نفس الجنس، هناك عاملين أساسيين
 
حقيقة موقف الوالد من نفس الجنس (الذي ربما يكون مشغول بالعمل ومقتنع أن مسئولية الأطفال هي مسئولية الأم فقط. ربما يكون أيضاً رافض للولد الرقيق، أو ربما يكون هو أيضاً كان رقيقاً (على الأقل داخلياً) وأدت رقته هذه إلى عذابه وهو طفل فقرر أن يرفض الرقّة تماماً، هذا ربما يجعله يحتقر الرقّة والحساسية في ابنه. 
-
الشخصية الحسّاسة للطفل تؤدي إلى استقباله للجرح أكثر من غيره.
 
هذا الجرح أو الإحباط في التوحد بالوالد من نفس الجنس في هذا العمر يؤدي إلى دفاع نفسي لا واعي يقوم به الطفل وبه يقرر (لا واعياً) أن بفصل نفسه نفسياً عن هذا الوالد حتى يحمي نفسه من الرفض أو من توقع الحنان وعدم وجوده. هذا الانفصال النفسي يتم مبكراً وعنده يبدأ تطور الشخصية المثلية. هذا يسمى الانفصال الدفاعي
أي أن الطفل يفصل نفسه عن أبيه ويقرر ألا يرغب فيه لكي يحمي نفسه من الجرح والإحباط

بعد ذلك نجد أن ضعف تكوين الهوية الجنسية الذكرية للولد تضعف من اتصاله بالذكور عموماً في البيت
 والمدرسة. في هذه الحالة يشعر الطفل بانفصال عن الذكور. هذا الانفصال يمنع توحده بهم و اعتباره نفسه واحدا منهم، ونفس الحال بالنسبة للبنات اللاتي ينفصلن عن البنات أيضاً بسبب مشكلة مع الأم. لكي لا ينجذب الولد جنسياً للأولاد يجب أن يشعر أنه واحداً معهم. عدم التوحد بالأولاد بالنسبة للولد يفتح الباب للانجذاب الجنسي 
إليهم، كذلك الأمر بالنسبة للبنات اللاتي لا يتوحدن بالبنات

4 ) الجرح من الواحد من الجنس الآخر  
الوالد من الجنس الآخر له أيضاً دور هام في تكوين الهوية الجنسية لدى الطفل/ الطفلة. فبالنسبة للأولاد تلعب الأم عدة أدوار من الممكن أن تؤدي إلى مشكلة في تكوين الهوية الجنسية الذكرية لدى الولد.
أولاً: الأم المسيطرة قوية الشخصية، وخاصة عندما يكون الأب ضعيف الشخصية، تستأثر بالولد وتجعله يتوحد بها.
ثانياً : الأم ذات الحب الخانق والتي تخاف على ابنها أكثر من اللازم، تمنع الأب من أن يأخذه بعيدأً عنها وتخاف عليه من اللعب الذكوري. كانت أم أحد المراهقين الذي كان يعاني من ميول مثلية تخاف جداً وتضطرب عندما يحدث أن مزاح عنيف بين أولادها وتتدخل بسرعة لإيقافة وحماية الطفل الأضغف الأرق (وهو بطبع الذي أصبح يعاني من الميول المثلية فيما بعد).
ثالثاً : الأم التي تكره الأب وتحقّر منه أمام ابنها وتجعله يكرهه ويرفضه وبالتالي يرفض معه الهوية الذكرية دون قصد.
رابعاً : الأم التي في خلاف دائم مع الأب وتستبدل ابنه به وتجعل منه "دميتها".

5) الجرح من الإخوة 
الطفل الذي يظهر سماتاً أنثوية، في شخصيته أو في ضآلة حجم جسمه أو في إعاقة جسدية، ربما يتعرض للإساءة النفسية (الإهانة أو السخرية)  أو الجسدية (الضرب)  أو الجنسية (الاعتداء الجنسي)، من اخوته بنسبة أكبر من غيره. 

6)
الجروح من الأقران 
عندما لا يتوحد الولد بأبيه وإخوته، وإنما على العكس، يتوحد بأمه وأخواته البنات، فإن شخصيته تكون ميالة للحساسية وعدم العنف ولا يميل للعب الجسدي العنيف مثل باقي الأولاد. هذا يجعله معزولاً عنهم وربما مضطهداً منهم، فيستسهل اللعب والتوحد مع البنات. هذا "الانفصال" عن الأولاد يكرس انفصاله عن الذكورة وعن ذكورته هو شخصياً. ويظل منفصلاً عن الذكور ولا يستطيع أن يعتبر نفسه واحداً منهم. هذا يعد المسرح للانجذاب الجنسي لهم فيما بعد. لكي لا ينجذب الولد جنسياً للأولاد يجب أن يشعر أنه واحداً معهم. عدم التوحد بالأولاد بالنسبة للولد يفتح الباب للانجذاب الجنسي إليهم، كذلك الأمر بالنسبة للبنات اللاتي لا يتوحدن بالبنات.

7) الجرح الخاص بصورة الجسد 
العلاقة بالأب هامة جداً في تكوين الشخصية الفردية "الإدارة الذاتية" ، حيث أن الأم غالباً ما تريد "لاشعورياً" استعادة الطفل أو الطفلة إلى رحمها مرة أخرى أو على الأقل التعامل معه على أنه لا يزال جزءاً منها. الأب له دور أساسي في تكوين الشخصية الفردية لكل من الولد والبنت على حد سواء. والعلاقة بالأب تساعد على أن يشعر الطفل بانفصال جسده عن أمه وأن يشعر باقتناءه لجسده والحياة في هذا الجسد بشكل مستقر ومقبول. عندما تكون هناك مشكلة في العلاقة بالأب، فإن هذا يؤثر في ألا تكون للطفل أو المراهق علاقة جيدة بجسده، ويساعد على ذلك أن يكون جسده به شيء مميز كالنحافة أو البدانة المفرطة أو الطول أو القصر الشديد. هذا يساعد على تكوين "جرح" في العلاقة بالجسد والصورة الذاتية عن الجسد خصوصاً وأن الأطفال في سن المدرسة يميلون للتعليق على أجساد بعضهم البعض والتعامل معاً على أساس حجم الجسد أو المهارات الرياضية في كرة القدم مثلاً أو  غيرها. كثير من المثليين لديهم جروح شديدة من الأقران في هذا المجال. الإساءات الجسدية بالضرب المبرح والنفسية المتعلقة بالجسد، مثل الكلام المهين عن الجسد، أو الإساءة الجنسية، كلها إساءات تؤدي إلى الصورة السيئة عن الجسد. لعل مسيرات الكرامة التي يسير فيها المثليون عراة، هو نوع من "الافتخار" غير الطبيعي والمبالغ فيه كنوع من "رد الفعل العكسي" للشعور بعدم امتلاك هذا الجسد.

8) الاعتداء الجنسي
يعتبر الطفل ضعيف الذكورة الذي لديه جوع للحب الذكري فريسة سهلة للوقوع في يد مغتصبي ومنتهكي الأطفال. نسبة من تعرضوا للإساءة الجنسية ممن لديهم ميول مثلية تصل إلى 80% أو إلى 90% في بعض الأبحاث. الاعتداء الجنسي يربط بين الجنس وإشباع الجوع للحب، خاصة إذا لم يكن الاعتداء عنيفاً أو قهرياً. كما أن اللذة الجنسية تخلق اعتياداً وإدماناً للجنس بالصورة التي تمت عليها الممارسة، هذا الإدمان الجنسي يكرس ويقوي الميول الجنسية المثلية. 

9)
الجروح الاجتماعية
الجروح الاجتماعية هي الجروح التي تحرمنا من احتياجنا الطبيعي للقبول والحب من الجماعة التي نعيش وسطها. تحدث الجروح الاجتماعية في صورة الأسماء والتسميات والتهكم والنكات وغيرها. أغلب من لديهم ميل جنسي شعروا بالألم بسبب الكلمات التي كانت توجه لهم شخصياً أو يسمعونها توجه لمن يمارس الممارسات التي يمارسونها. أغلب من لديهم ميل جنسي مثلي، شعروا في وقت من الأوقات بعدم الانتماء الاجتماعي بسبب كونهم مختلفين وبالتالي مرفوضين. هذا الرفض يؤدي إما إلى شعور بالنقص أو إلى رد فعل للشعور بالنقص من خلال التعالي المبالغ فيه والحساسية الشديدة.
10) الجروح الثقافية 
الجروح الاجتماعية هي ما نتلقاه من الأشخاص والمجتمعات التي عشنا فيها، أما المقصود بالجروح الثقافية. فهي الرسائل السلبية التي تصل الشخص الذي لديه ميول مثلية من الثقافة المحيطة به، من وسائل الإعلام ومن الصحافة والانترنت وغيرها. و ذلك من خلال الوصم والتعيير والنبذ والانعزال. أو من خلال أفكار مثل أنه وُلِدَ هكذا و أنه لا سبيل للتغيير. يضاف إلى هذه الجروح الثقافية، أيضاً الجروح "الدينية" التي تصل للمثلي من خلال 
رجال الدين أو المؤسسات الدينية وهي جروح تتسم أيضاً بالوصم والتعيير والإشعار بالذنب.

من كتاب "الخروج من الحياة المثلية"
Coming out Straight 
لريتشارد كان 

Fadfada.net@

0 مشاركات و تعليقات القُراء: