الأربعاء، أبريل 13، 2011

المثلية الجنسية : مُحاولة تعريف







لماذا نقول الجنسية المثلية وليس الشذوذ الجنسي؟ 
ليس هذا لأننا لا نؤمن أن الجنسية المثلية نوع من الخروج عن التعبير الطبيعي للجنس ولكن لأن عبارة الشذوذ الجنسي قد حملت على مدار السنين الكثير من الإيحاءات المهينة والمقللة من شأن المثليين. نحن مثلاً لا نحب أن ندعو من فقد بصره "أعمى" ولكن نقول "كفيف". أيضاً لفظ شذوذ جنسي لا يقدم وصفاً واضحاً ودقيقاً للحالة. فللشذوذ الجنسي أنواع عديدة؛ مثل ممارسة الجنس مع الحيوانات والتلصص والاستعراض وغيرها
لا يوجد تعريف شامل واحد للجنسية المثلية. ربما من الأسهل أن نقول ما ليس هو جنسية مثلية. الجنسية المثلية ليست عيباً وراثياً ولا اختلالاً هورمونياً ولا مرضاً عقلياً . الجنسية المثلية تعني انجذاب الرجال عاطفياً وجنسياً للرجال أمثالهم والنساء للنساء.


 لماذا يختار الناس هذا الانجذاب لنفس الجنس؟
 الجنسية المثلية سلوك يتم تعلمه من خلال عوامل متعددة مركبة تشكل سلوك الإنسان. منها ما يقع الإنسان تحت تأثيره بلا اختيار منه ومنها ما هو اختيار شخصي. كثير من الجنسيين المثليين شعروا منذ طفولتهم أنهم مختلفين وبالتالي يعتقد الكثيرون أنهم مولودون هكذا. أيضاً كثيراً ما تعطي المجلات والتلفزيون الانطباع أن العلم قد اكتشف أن الجنسيين المثليين يولدون هكذا.
لكن الإحساس المبكر بالاختلاف ليس هو العامل الوحيد. البعض يعتقدون أن بعض الناس يصبحون جنسيين مثليين لأنهم اختاروا ذلك. لكن أغلبهم لا يختارون أن يكونوا هكذا. ميلنا الجنسي ليس من الأمور التي نستطيع أن نغيرها بإرادتنا بسهولة. بالطبع ما نفعله يخضع لإرادتنا. وبالطبع سلوكياتنا الجنسية تخضع لإرادتنا فنحن نستطيع أن نختار الطريقة التي نتجاوب بها مع مشاعرنا. مشاعرنا تدفعنا إلى سلوكيات معينة ولكننا نستطيع أن نسيطر على مشاعرنا. أيضاً ليس كل من يشعرون بالميل نحو نفس الجنس يحبون أن يطلق عليهم لفظ 
 Gay أو lesbian 
- عامل آخر يجب ملاحظته وهو ما حدث لهؤلاء الأشخاص في حياتهم. ربما تعرضوا لجروح نفسية تؤثر على شعورهم تجاه أنفسهم. فربما تعرضوا للانتهاك الجنسي أو عاشوا في علاقات سيئة مع والديهم (من خلال عملنا مع العديد من الذين يصارعون مع مشاعر الجنسية المثلية نعلم أن الكثيرين تعرضوا لمثل هذه الأمور). بالطبع ليس كل من يتعرض لإساءات جنسية أو من كانت له علاقة سيئة بوالديه يصبح منجذباً نحو نفس الجنس. وليس كل من لديهم ميل لنفس الجنس تعرضوا للانتهاك الجنسي. بمرور الوقت تعمل كل هذه العوامل معاً: الجروح والانتهاكات التي تعرضوا لها و كم المساعدة التي حصلوا أو لم يحصلوا عليها لتجاوز هذه الجروح والإساءات والاختيارات التي اختاروا أن يفعلوها كرد فعل  لهذه الجروح وكل هذا قد يؤدي في النهاية إلى انجذابهم لنفس الجنس. 
على وجه العموم يوجد عدد من العوامل المختلفة التي بدرجات مختلفة من الأهمية تؤثر على حياة الناس . ربما تشتمل هذه العوامل على: 


 عوامل ولدوا بها استعداد وراثي لنوع من الشخصية / 1
2/
خبرات سيئة في الطفولة مثل الإساءات الجنسية أو الرفض من الوالدين أو الأقران
3/
كم ونوع التعضيد والمساندة الذي حصلوا عليه كأطفال ومراهقين للتعامل مع ما كان يحدث وقتها
4/ 
نوع التربية الأخلاقية التي تلقوها كأطفال ومراهقين
5/ 
الاختيارات التي اختارها هؤلاء الأشخاص للتعامل مع مشاعرهم وميولهم
6/ 
كم الوضوح أو التداخل بين دور الرجل والمرأة في الثقافة

لا يوجد شخصان يعيشان في أسلوب الحياة المثلي لنفس الأسباب. ربما كانت الخلفية الأسرية لأحدهم سيئة وربما عاش أحدهم تربية مثالية منضبطة من حيث الحب والحزم في البيت. صحيح أن العلاقة بالأهل يمكن أن تؤثر في الجنسية المثلية ولكننا لا نستطيع أن نعتبرهم مسئولين تماماً عن هذا الأمر. الشخص المثلي ليس ضحية للظروف تماماً فاختياره الشخصي له دور أيضاً ولكن التفاعل بين العوامل التي ليس له دور فيها والعوامل التي من اختياره معقدة جداً وخاصة جداً بالنسبة لكل شخص. لذلك فإن الله وحده هو الذي لديه الحب الكافي والعلم الكافي لكشف أسرار ما حدث والبدء في إحداث التأثير العكسي من الجنسية المثلية نحو الشفاء


ليس كل الجنسيين المثليين متورطين في السلوكيات الجنسية المثلية بنفس الدرجة. تختلف درجات ا لتورط من :
أولاً: من يعيش فقط في الخيالات الجنسية 
ثانياً: من يمارس سلوكيات جنسية لكن لا يعتبر الجنسية المثلية هوية خاصة به 
ثالثاً: من يعيش الهوية المثلية وأسلوب الحياة المثلي كأسلوبه المفضل للحياة، فيسمي نفسه مثلياً وينخرط في الثقافة المثلية والمجتمع المثلي الموجود في كل ثقافة أو دولة، ربما فوق الأرض في بعض الدول وتحت الأرض في دول أخرى لا يزال المثليون فيها لا يحصلون على اعتراف رسمي من الدولة والمجتمع
رابعاً: من يعيش الجنسية المثلية كقضية سياسية واجتماعية فيدافع عن أسلوب الحياة المثلي. مثل هؤلاء قد ينظمون ويشاركون في مظاهرات و مسيرات لتأييد أسلوب الحياة المثلي، وربما يكونون عدوانيين على من يتفق معهم في الرأي

***لذلك عندما نتعامل مع المثليين، يجب أن ندرك أنهم بشر مثلنا، لهم أحاسيسهم واحتياجاتهم. قد لا نتفق مع أسلوب حياتهم، لكن هذا لا يحرمهم من حقهم في القبول والاحترام. في واقع الأمر يعد حصولهم على الحب والقبول والاحترام من الغيريين (غير المثليين) خطوة أساسية في شفائهم من الجنسية المثلية. 



د .أوسم وصفي 

0 مشاركات و تعليقات القُراء: